أخر الاخبار

أشمال: مسيرات GenZ212 رسالة ثقة في الديمقراطية وليس في الأحزاب

 








قالت رقية أشمال أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط ومهتمة بقضايا الشباب إن “المسيرات الاحتجاجية التي أطلقتها حركة GenZ212 تكشف عن ملاحظات عديدة تستحق التوقف عندها. أول ما يمكن الإشارة إليه أنها مثلت انتقالاً نوعياً من الاحتجاج عبر الفضاء الرقمي إلى الفضاء الواقعي، بعدما تمكنت هذه الفئة من التنسيق والتعبئة خارج كل الأطر التقليدية، وأعلنت حضورها في الشارع بشكل منظم. وهو تحول يعكس وعياً جديداً لدى جيل Z بجدوى الفعل الجماعي، ورغبة في تجاوز الاكتفاء بالنقاشات الافتراضية إلى التعبير الميداني”.

وأوضحت الدكتورة في حديثها لموقع “زون24” إنه من الملاحظ أيضاً أن البلاغات التي أصدرتها الحركة تمت صياغتها بلغة واضحة ومتحررة من أي تأطير سياسي أو إيديولوجي، وهو ما يمنحها قوة إضافية لأنها تضع المطالب في خانة المجتمع ككل، بعيداً عن الحسابات الحزبية أو الأجندات الضيقة. هذا الاختيار يترجم وعياً من شباب الحركة بضرورة تحصين حراكهم من أي محاولة للركوب أو الاستغلال.

وزادت أشمال قولاً: “الاحتجاجات نفسها اتسمت بالسلمية، حيث شارك فيها شباب وفتيات يعبرون عن انتمائهم لجيل يرفض الاصطفافات التقليدية، لكنه في الآن نفسه يصر على التعبير عن ذاته بوسائل حضارية. الشعارات التي رفعت تجسد بوضوح هذا التوجه، من قبيل: “خرجنا حيت كيقول لينا أننا في بلد الديمقراطية”، وهو تعبير يعكس وجود ثقة أولية في المؤسسات ورغبة في اختبار مدى تجاوبها مع مطالب واقعية. كما جاء الشعار “خرجنا واحنا لا ننتمي لأي حزب ولا أي جهة” ليؤكد استقلالية الحراك، رغم مشاركة بعض مناضلي الشبيبات الحزبية اليسارية التي تتقاطع بدورها مع هذه المطالب الاجتماعية الجوهرية، مثل الحق في التعليم والصحة والتشغيل”.

أما الشعار الآخر وفقاً للباحثة في قضايا الشباب “خرجنا من أجل العدالة الاجتماعية وباش يسمع صوتنا الملك وليس المسؤولين”، فقد أبرز معطى جديداً في مسار الاحتجاجات الشبابية بالمغرب، يتمثل في توجيه الخطاب مباشرة إلى المؤسسة الملكية، باعتبارها الجهة التي تحظى بأعلى مستويات الثقة الشعبية مقارنة مع مؤسسات الدولة الأخرى. هذا التحول يعكس وعياً متزايداً لدى الجيل الجديد بمكانة المؤسسة الملكية كفاعل محوري في أي عملية إصلاح أو استجابة لمطالب المجتمع.

هذا الجيل إذن لم يخرج فقط للتعبير عن ذاته، بل رفع صوته باسم فئات أوسع من الشعب المغربي التي تعاني من استمرار اختلالات العدالة في التنمية. وهو امتداد لمطالب رفعتها حركات شبابية سابقة، لكن المختلف اليوم أن الخطاب موجه إلى رأس الدولة بشكل مباشر، ما يضع صانع القرار أمام مسؤولية مضاعفة في الإصغاء والتفاعل.

وفي نفس التصريح لموقع “زون24″، قالت الدكتورة رقية اشمال، أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط والمتخصصة في قضايا الشباب، إن “المقاربة الأمنية عبر التاريخ كانت دائماً كلفة مضاعفة على الدولة والمجتمع، لأنها ترفع منسوب الهدر المركب للطاقات والزمن والثقة”. وأضافت أن “الحاجة المستعجلة اليوم تكمن في يقظة المؤسسات وحكمتها في التعاطي مع أصوات الشباب المتعددة بسعة صدر، مع الحرص على أن تكون الالتزامات صادقة وواقعية”.

واعتبرت المتحدثة أن الوضع يفرض التفكير في سؤال جوهري: “ماذا بعد استنفاد الشباب لكل ضمانات الثقة في المؤسسات؟”، مشددة على أن هذا السؤال يجب أن يدق ناقوس الإنذار، لأن خسارة ثقة الأجيال الصاعدة تعني تهديداً مباشراً لرصيد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ولأن تكلفة فقدان الثقة أكبر بكثير من أي تكلفة أخرى قد تتحملها الدولة.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-