
تقارير تفتيش تكشف خروقات خطيرة في صفقات مكاتب الدراسات بالجماعات الترابية
سباق ضد الزمن لاستكمال التقارير
تُسابق لجان تفتيش تابعة للمجالس الجهوية للحسابات في جهات الدار البيضاء-سطات وفاس-مكناس وبني ملال-خنيفرة الزمن لاستكمال تقارير تفتيشية حول صفقات عمومية أبرمتها جماعات ترابية مع مكاتب دراسات. وكشفت هذه التقارير عن خروقات خطيرة في تدبير هذه الصفقات، فيما تُورِّط رؤساء مجالس منتخبة في شبهات "ريع" تجاوز قيمته المليارات.
غياب المعايير الموضوعية في الصفقات
رصدت عمليات التفتيش التي طالت عشرات الجماعات غياباً تاماً لمعايير موضوعية قابلة للقياس والتقييم في الصفقات العمومية الممنوحة لمكاتب الدراسات. وقد كشف افتحاص دفاتر التحملات - التي يعود بعضها إلى أربع سنوات مضت - عن افتقارها لتحديد عتبات واضحة لقبول العروض، وهي الآلية الأساسية لضمان الحصول على العرض الأكثر فائدة من الناحية المالية والاقتصادية.
إهمال المواصفات والجودة في المخرجات
سجل المفتشون إهمالاً كبيراً في تحديد المواصفات الدقيقة لمخرجات الدراسات. حيث لم يتم اعتماد آجال معقولة لإنجاز الأعمال بما يتناسب وطبيعتها، كما تم التغاضي عن التحديد الدقيق والمفصل للمخرجات الضرورية لمراقبة جودتها ومدى انسجامها مع حاجيات الجماعات الترابية. وأظهرت التقارير أيضاً عدم تقيد مكاتب الدراسات بالالتزامات التعاقدية المحددة في دفاتر التحملات، خاصة فيما يتعلق بمتابعة ومراقبة أشغال مشاريع التجهيز.
ضعف القدرات التدبيرية في الجماعات
أبرز المفتشون عدم تحقق بعض الجماعات من توفر الضمانات الضرورية لإنجاز مشاريع التجهيز قبل إجراء الدراسات التقنية، كما غابت آليات التنسيق الفعال بين المتدخلين لترجمة هذه الدراسات إلى مشاريع ملموسة. وسجلت التقارير نقصاً حاداً في الموارد البشرية بالجماعات القروية بشكل خاص، مما أضعف قدرتها على التدبير الفعال لمراحل تنفيذ الصفقات، وأدى إلى أخطاء وتجاوزات متعددة.
توجيهات حكومية سابقة لم تُحترم
يأتي هذا التفتيش في وقت كانت رئاسة الحكومة قد شددت فيه سابقاً على ضرورة إخضاع طلبات العروض المتعلقة بالدراسات للترخيص المسبق، مع الدعوة إلى تعزيز إنجاز الدراسات من قبل الخبرات والأطر المتوفرة داخل الإدارات العمومية. كما كانت قد دعت إلى ترشيد النفقات المرتبطة بمكاتب الخبرة وتفادي إنجاز دراسات متشابهة دون مبرر واضح.
شبهات صفقات وهمية وتضارب مصالح
كشفت التقارير عن شبهات خطيرة تتعلق بإبرام صفقات وهمية مع مكاتب دراسات، حيث تم إقحام مكاتب معينة في صفقات متعددة لنفس المشاريع والمهام، دون مراعاة شروط الكفاءة وقواعد التخصص. وأظهرت معطيات موازية احتكار بعض المكاتب لصفقات في جماعات معينة، مع وجود مؤشرات قوية على تضارب المصالح ومحاولات متعمدة لإخفاء هذا التلاعب.
دراسات بدون ضمانات تنفيذ
حذر قضاة الحسابات من توجه بعض الجماعات الترابية - التي لا تتوفر على الاعتمادات المالية الكافية - إلى إعداد دراسات تقنية وتوجيهها إلى جهات أخرى لبحث إمكانية التمويل، دون ضمانات كافية لتنفيذ المشاريع المرتبطة بها. وقد توصلت الجهات والعمالات والأقاليم بمئات الدراسات بهدف البحث عن تمويل لها، مما يشكل هدراً إضافياً للموارد العمومية.