لقد تابع الكثير منا في الأيام الماضية خروج مواطنين، غالبيتهم من الشباب، في مسيرات عبروا فيها عن مطالبهم بتحسين الخدمات الأساسية، وأبرزها القطاع الصحي ونظام التعليم. هذه المطالب في جوهرها مشروعة، وهي نفسها القضايا التي نادت بها العديد من الأصوات منذ سنوات، لأن التعليم والصحة حقان أساسيان من حقوق الإنسان وأركان لتقدم أي مجتمع.
كانت المشاهد الأولى تحمل شعارات "سلمية"، وهو ما أثار الأمل في حوار مجتمعي بناء. إلا أن تطور الأحداث، وخاصة اليوم، أظهر مشاهد أخرى مغايرة، حيث دخلت عناصر التخريب والمواجهات مع قوات الأمن حيز التنفيذ، وهو ما يحزن كل غيور على هذا البلد. هنا يبرز سؤال جوهري: من يستفيد من تحويل مسار حراك سلمي إلى فوضى؟
القراءة المتأنية لما بين السطور تفرض علينا أن ننظر إلى المشهد بشكل أوسع. تظهر مؤشرات على وجود جهات تحاول استغلال هذه المطالب العادلة وتحويلها إلى ورقة ضغط لتحقيق أجندات أخرى. نحن نرى:
- خطابات تحريضية من شخصيات خارجية أو تعيش في الخارج، تدفع نحو التصعيد غير المحسوب.
- محاولات لربط المطالب الاجتماعية بمطالب سياسية متطرفة، هدفها زعزعة الاستقرار وليس الإصلاح.
- استغلال منصات التواصل الاجتماعي وغرف "الديسكورد" لنشر خطاب الكراهية وتنسيق أعمال الشغب تحت شعارات براقة.
الفرق شاسع بين المحتج السلمي الذي يطالب بحقه في حياة كريمة، وبين المخرِّب الذي يحرق الممتلكات العامة والخاصة، ويهاجم رجال الأمن الذين يؤديون واجبهم في حماية الأرواح والممتلكات. الأول نمد له يد العون والمساندة، والثاني يجب أن ينزل به قانون الدولة الذي لا يفرق بين مواطن وآخر.
ندعو الجميع إلى:
- التمييز بين المطالب المشروعة التي يجب أن تظل في دائرة الحوار السلمي وبين محاولات تخريب البلاد التي لا يصح السكوت عنها.
- عدم الانجراف وراء الخطابات التحريضية، سواء من الداخل أو الخارج، والتي تهدف إلى استغلال حماسة الشباب وطاقتهم لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية.
- الثقة في مؤسسات الدولة وقدرتها على معالجة الإشكالات، مع ضرورة استمرار المطالبة بالإصلاح عبر القنوات القانونية والبرلمانية.
- الحفاظ على نعمة الأمن والاستقرار التي تنعم بها بلادنا، فهي أغلى ما نملك، وضياعها يعني الدخول في نفق مظلم لا تحمد عقباه.
ختاماً، فإن مستقبل هذا البلد هو مسؤولية جماعية. فلنعمل جميعاً، حكومة وشعباً، من أجل مغرب أفضل، حيث تُحترم الحقوق وتُؤدى الواجبات، ويظل العلم شامخاً والأمن مستتباً. اللهم احفظ بلادنا وملكنا وشعبنا من كل سوء.