أخر الاخبار

🚨 المغرب يعيد تشكيل المنطقة .. منتدى التحليل الإستراتيجي لشؤون لشؤون الأطلسي والساحلي



كلمة السيد عبد الرحيم المنار السليمي:

السيدات والسادة الأساتذة، الإخوة الإعلاميون، والإخوة والأخوات الطلبة،
أود بداية أن أعبر عن سعادتي البالغة بالتواجد مرة أخرى في مدينة العيون، بعد تأسيس هذا المنتدى، حيث نعود اليوم إلى المؤتمر الدولي الأول، مؤتمر للتفكير في المبادرة الملكية الأطلسية.

تدفعني هذه المبادرة إلى تقديم أربع ملاحظات علمية بشأنها:

أولًا، يمكن تحليل هذه المبادرة من عدة زوايا أكاديمية.
فمن زاوية العلاقات الدولية، يُمكن اعتبار المغرب قوة إقليمية تعيد ترتيب مجالها الإقليمي. كما يمكن مقاربتها من الجغرافيا السياسية، بالنظر إلى أن المغرب يستثمر واجهتيه البحريتين: الأطلسية والمتوسطية.
ومن زاوية الجيوبوليتيك، يظهر واضحًا أن المغرب التفت إلى الساحل الإفريقي باعتباره قلب القارة، ويمكن توظيف المبادرة أيضًا ضمن إطار الاقتصاد السياسي الدولي، إذ إنها شبيهة تاريخيًا بمشروع مارشال الذي أعاد إعمار أوروبا، واليوم، يمكن القول إن مبادرة جلالة الملك محمد السادس لأفريقيا تمثل مشروع مارشال جديد، يعيد بناء غرب أفريقيا، وأفريقيا الأطلسية، ومنطقة الساحل.
كذلك، يمكن النظر إليها من زاوية القانون الدولي للبحار، خاصة وأن هناك اليوم صراعات حول الواجهات والمضايق البحرية، والمغرب أمام فرصة استراتيجية لاستثمار المحيط الأطلسي الإفريقي.

ثانيًا، من زاوية الفاعلين وصناع القرار، حينما نتأمل هذه المبادرة، ينبغي أن نضعها ضمن ما يسمى بالإطار المنطقي في السياسة الخارجية، أو ما يعرف بـ"الكادر لوجيك".
بالعودة إلى الخطب الملكية منذ سنة 1999، نلاحظ وجود مسار منطقي أو خط استراتيجي يقودنا نحو هذه المبادرة.
فقد بدأ الأمر بتأهيل الواجهة المتوسطية، من خلال ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح من بين أكبر الموانئ العالمية، ثم تبع ذلك تعزيز دور المغرب كبوابة نحو إفريقيا، وتأسيس الدار البيضاء كقطب مالي، ثم طرح مقترح الحكم الذاتي، والنموذج التنموي الجديد، ثم العودة إلى الاتحاد الإفريقي، والعمل على تغيير آلياته، ثم تحرير معبر الكركرات، لتأتي في النهاية المبادرة الأطلسية كمرحلة نهائية تمهد لمرحلة الحسم.

ثالثًا، نلاحظ خلال فترة وجيزة نتائج ملموسة منذ الإعلان عن المبادرة الأطلسية، من بينها عودة الدور الجيوسياسي لدول الساحل التي استرجعت قوتها، مثل مالي التي بدأت في إعادة ترسيم حدودها، والنيجر التي شهدت استقرارًا تدريجيًا واستعادت دورها الإقليمي.
في المقابل، كانت هناك محاولة ضعيفة للرد على المبادرة من خلال تجميع الجزائر لكل من موريتانيا، تونس، وليبيا، لكن هذه المحاولة لم تنجح بسبب العلاقات التاريخية والروابط الاقتصادية بين موريتانيا والمغرب، مما أفشل مساعي الجزائر لعزل المغرب.
والجزائر اليوم، كما نرى، هي التي تعيش حالة من العزلة.

رابعًا، هناك طلب متزايد من القوى الكبرى على المنطقة، مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يؤكد الدور الحاسم الذي سيضطلع به المحيط الأطلسي في التحولات الجارية داخل النظام الدولي.
المحيط الأطلسي، الذي كان في الماضي أحد أسباب الإشكاليات، سيتحول اليوم إلى مفتاح الحل. ونأخذ على سبيل المثال قضية غار جبيلات، التي تدخل بدورها في مرحلة الحسم.

نحن اليوم أمام تفاصيل دقيقة تخص مقترح الحكم الذاتي، وهي مرحلة ستستمر، على الأرجح، من سنة إلى سنة ونصف، ما يعني حتى أكتوبر 2026.
وهذه المبادرة ستلعب دورًا كبيرًا في إيجاد حل حقيقي للصراع، عبر تشكيل تكتل إقليمي قوي، لن تملك الجزائر القدرة على تفاديه. فالمحيط الأطلسي الذي سعت الجزائر للوصول إليه سيصبح اليوم هو الحل، ليس فقط لها، بل أيضًا لمسألة غار جبيلات.

أكثر من ذلك، هناك ممر استراتيجي آخر من خلال السمارة نحو دول الساحل، وهذا بدوره يعيد تشكيل المنطقة ويحدث ارتباكًا لدى بعض الأطراف الأخرى.
ولهذا، يجب على الباحثين في العلاقات الدولية التمعن في هذه المسألة، خاصة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وضرورة العمل ضمن منطق "الكادر لوجيك".
فالخطابات الملكية منذ عام 1999 تكشف عن رؤية استراتيجية متكاملة، كل مرحلة مضبوطة وتقود الى نتيجة، تبدأ من الميناء المتوسطي، وتمر بالميناء الأطلسي، ثم إعلان المغرب كبوابة نحو إفريقيا، وصولًا إلى الحكم الذاتي ومرحلة الحسم.

هذه التطورات الجارية تبيّن بشكل واضح أن المنطقة بصدد إعادة تشكيل وزنها في إطار العلاقات الدولية والنظام الدولي.

شكرًا لكم.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-