
محمد عزيز الوكيلي
قبل أيام قليلة، قامت سلطات الأمن الفرنسية بترحيل شخص يدعى “شمكار”، كان يقيم في فرنسا بشكل غير قانوني، في خرق واضح لقانون الهجرة الفرنسي. ووجهة ترحيله كانت المملكة المغربية، وتحديداً إلى مطار مراكش. وذلك بعد أن قدم المعني أوراق هوية مغربية للسلطات الفرنسية أثناء اعتقاله.
حتى هنا، يبدو الموضوع طبيعياً، ويتماشى مع الاتفاقيات المغربية الفرنسية الخاصة بالمهاجرين غير النظاميين. يعمل البلدان على تنفيذ هذه الاتفاقيات بحزم، بعيدا عن التسويفات والمراوغات التي اعتاد بعض الأشخاص على استخدامها في الشرق الجزائري!
لكن، ما كشفته مصالح الأمن المغربي في مطار مراكش كان مفاجئاً. فقد تبين أن “الشمكار” ليس مغربياً كما ادعى، بل جزائري انتحل الهوية المغربية. أوراق الهوية التي قدمها للسلطات الفرنسية كانت مزورة، وهو ما دفع الأمن المغربي إلى رفض السماح له بدخول البلاد، ليتم إعادته إلى فرنسا مع رجال الأمن الفرنسي الذين رافقوه.
من الواضح أن الأمن الفرنسي لم يمتلك الوسائل التقنية والإدارية اللازمة للتحقق من صحة الوثائق، مما أدى إلى هذه الفوضى، حيث وثائق مزورة نُسبت إلى السلطات المغربية.
والأهم في هذه القضية هو أنها ليست الحادثة الأولى من نوعها. فقد حدثت العديد من الحالات المماثلة في الماضي، حيث ادعى جزائريون أنهم مغاربة وقدّموا وثائق مزورة تثبت ذلك، دون أن يتمكن الأمن الفرنسي من كشف التزوير. ولولا الخبرة الكبيرة لأمن المغرب في التعامل مع هذه الوثائق، لما تمكّنوا من كشف الحقيقة في هذه الحادثة الأخيرة.
ومن المؤسف أن هذه التصرفات لم تقتصر على محاولات التزوير فحسب، بل امتدت إلى أحداث أخرى مشابهة. ففي الآونة الأخيرة، حاول “شمكار” جزائري آخر طعن عدد من رجال الشرطة الفرنسيين بخنجر، وادعى أنه مغربي الجنسية. بينما كان الإعلام الجزائري يسارع في تأكيد ذلك، سرعان ما ظهرت تقارير إعلامية فرنسية تكشف أنه جزائري، وأكدت أنه كان موضوع متابعة سابقة في فرنسا بسبب جرائم متنوعة.
المثير في هذه الحوادث ليس فقط محاولات التزوير، بل إنه جزء من مخطط استخباراتي منظم، يهدف إلى تشويه صورة المغاربة في فرنسا وعرقلة التقارب بين فرنسا والمغرب. هذه المحاولات تهدف إلى الإساءة إلى المغتربين المغاربة الذين يحظون بالاحترام في المجتمع الفرنسي، كما أنها تكشف عن حالة الاضطراب التي يعاني منها النظام الجزائري.
وقد تجلى هذا التوجه في بعض الممارسات الأخرى، مثل محاولة بعض المشجعين الجزائريين زعزعة الأمن في شوارع الدوحة خلال كأس العالم 2022، عبر ارتداء قمصان تحمل ألوان المنتخب المغربي، ليظن الناس أنهم مغاربة. إلا أن الأمن القطري الذي كان يتألف من عناصر مغربية كشف هذا المخطط سريعاً.
وإذا لم يكن ذلك كافياً، فقد جند النظام الجزائري أيضاً عشرات الآلاف من الذباب الإلكتروني للتشويش على مواقع الإنترنت، منتحلين هويات مغربية، لكن العالم أصبح قادراً على التمييز بين المغاربة والجزائريين على الشبكة، بفضل أسلوبهم الإلكتروني المميز.
إن هذه التصرفات تمثل فشلاً ذريعاً للنظام الجزائري في محاولاته لتشويه سمعة المغرب، وهي بمثابة دليل على فقرهم السياسي واستخفافهم بالعلاقات الدولية. والأيام كفيلة بالكشف عن المزيد من هذه الحماقات.