القصة المثيرة لمسرحية إسبانية في عام 1918 عن الأندلس المسلمة! و هذه رسالتها الخفية!
![]() |
الصورة من أحد مشاهد المسرحية. |
المسرحية الإسبانية التي سنسرد تفاصيلها في هذا المقال و التي تعود لعام 1918 تدور أحداث حبكتها الدرامية بين فاس و غرناطة و قد يستنبط منها القارئ النبيه اليقظ تأويلا يتجاوز سطحية الحبكة الدرامية. سأسرد لكم تفاصيل المسرحية و أترك لكم حرية تأويل ما بين أسطرها. و سأورد في نهاية المقال تأويلي الشخصي .
تتألف المسرحية من فصل واحد و ثلاثة مشاهد: المشهد الأول تدور أحداثه في مدينة فاس المغربية. و المشهدان الأخيران في مدينة غرناطة الأندلسية جنوب إسبانيا.
أحداث المسرحية:
المشهد الأول في فاس:
تبدأ أحداث القصة في مدينة فاس المغربية في قصر السيد حسن و هو نبيل مغربي. يتحسر حسن على الماضي المسلم لشبه الجزيرة الإيبيرية عندما كان لعائلته منزل في غرناطة و يُمني نفسه بالعودة يوما إلى هناك.
في حقيقة الأمر خوانيو هو شاب إسباني تم تكليفه بإعادة زائدة إلى والدتها في غرناطة. و قد دبَّر بمعية خادمٍ للسيد حسن يدعى ميمون, و هو علج إسباني وجندي سابق انشق عن الجيش, خديعة للدخول إلى الجناح المخصص للحريم في منزل السيد حسن للقاء زائدة. هكذا تظاهر خوانيو بالمرض و أٌدخل إلى جناح الحريم لعلاجه و استطاع التحدث إلى زائدة. باح كل واحد منهما بحبه للآخر, و كشف خوانيو لزائدة عن حقيقته و مخططه و قررا الهروب معا إلى غرناطة بمعية الخادم ميمون.
عند عودته إلى قصره، اكتشف حسن أن زائدة قد هربت مع حسن و ميمون فأقسم على الانتقام و العبور من فاس في المغرب إلى غرناطة في الأندلس لاستعادتها.
المشهد الثاني في غرناطة:
يدخل إلى المشهد العم كانييتاس Cañitas و هو الغرناطي الذي استأجرَ خوانيو لإعادة زائدة من فاس إلى غرناطة. بمعية آخرين دبَّر كانييتاس مكيدة للنصب على حسن الذي جاء لغرناطة لاستعادة زائدة و ذلك بواسطة حيلة الكنز المدفون Timo del entierro و التي بموجبها سيقنع كانييتاس حسن بوجود كنز مدفون و للعثور عليه يتوجب على حسن دفع قدر من المال.
وصل خبر قدوم حسن إلى غرناطة إلى خوانيو و زائدة و ميمون و اكتشفوا أيضا أن العم كانييتاس يدبر حيلة للاحتيال عليه. فانطلقوا مسرعين إلى حسن لتنبيهه قبل فوات الأوان.
المشهد الثالث في غرناطة:
في هذا المشهد كان المغربي حسن يغني في حمراء غرناطة تعبيرا عن حنينه إليها لما وصل الرفاق الثلاثة لإخباره بحيلة العم كانييتاس. بعد تنبيههم إياه, كشفت زائدة لحسن عن حبها لخوانيو و قد تقبل حسن الأمر على مضض. و هنا أقر حسن أمام الجميع بأن زائدة بقيت وفية لدمها لأنها كانت مسيحية و ليس مسلمة و روى لهم كيف أخذ زائدة رضيعةً من بين يدي والدتها المسيحية أثناء احتضارها, و أنه رباها على الإسلام. هكذا عاد حسن إلى فاس حزينا أسفا تاركا العشيقين السعيدين في غرناطة.
تعريف مقتضب بأهم شخصيات المسرحية و تأويلي الشخصي لشخصياتها الرئيسية زائدة, حسن و خوانيو:
زائدة: أمَةٌ في حريم حسن. من أبوين مسيحيين مجهولين. رباها حسن منذ كانت طفلة. و قد يكون المقصود بزائدة الثقافة الأندلسية المسيحية الأصل و التي أخذها المغربي المسلم و تبناها طيلة قرون بعد احتضار الثقافة المسيحية القوطية الأم, حسب مؤلف المسرحية طبعا.
حسن: نبيل مغربي مسلم من فاس. و قد يكون المقصود به المغرب الذي حمل معه الحضارة الأندلسية أي زائدة في المسرحية.
خوانيو: شاب إسباني مسيحي, تنكر في فاس في زي بائع متجول مسلم. قد يكون المقصود به الاستعمار الإسباني لشمال المغرب الذي بدأ عام 1912. و كأن هدف الاستعمار هو استرداد الثقافة الأندلسية -أي زائدة- من المغرب - أي حسن- و إعادتها إلى مهدها في غرناطة.
ميمون : خادم حسن، منشق إسباني عن الجيش. و ربما المقصود بهم العلوج الإسبان أو الإسبان المسيحيون الذين اعتنقوا الإسلام طواعية.
العم كانييتاس: غجري من ساكرومونتي، مدرس الغناء والرقص.
جواري في قصر حسن ورد ذكرهن في المسرحية: ليلى, فاطمة, عائشة, زهراء, سِتارة, ثُريا, نورا, سُليمة.
هكذا، خلف القصة الغنائية البسيطة، كانت مسرحية "غرناطتي" تهمس برسائل عميقة عن الهوية، الذاكرة، والانتماء، في مرحلة دقيقة من تاريخ إسبانيا والمغرب، حيث كانت ذكريات الأندلس لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على الحاضر.