أخر الاخبار

حرفة النقش على المعادن في المغرب: بريق الماضي وحاضر الإبداع

حرفة النقش على المعادن في المغرب
التقليد القديم الذي يُمارس المغرب لقرون أضيف لقائمة التراث غير المادي لليونسكو (الفرنسية)
 

حرفة النقش على المعادن في المغرب: بريق الماضي وحاضر الإبداع

في زوايا الأسواق العتيقة بالمغرب، حيث تتلألأ قطع النحاس والفضة تحت أشعة الشمس، يحافظ حرفيون مهرة على فن النقش اليدوي على المعادن، وهو إرث ثقافي غني يمتد عبر القرون. مؤخراً، أدرجت منظمة اليونسكو هذا الفن ضمن قائمة "التراث غير المادي"، تقديراً لقيمته التاريخية والفنية. ومع ذلك، يواجه الحرفيون تحديات في الحفاظ على هذه الحرفة التي لا تحظى دائماً بالتقدير الكافي، رغم جمالها وأصالتها.

إرث فني متجذر في التاريخ

يعتمد فن النقش على المعادن على نحت زخارف دقيقة بأشكال متنوعة، سواءً كانت هندسية أو نباتية أو فلكية، على معادن مثل النحاس والفضة والذهب. تُستخدم هذه التقنيات في صناعة الأدوات المنزلية، قطع الديكور، والحلي التقليدية التي تزين البيوت المغربية والعالمية.

في ديسمبر/كانون الأول 2023، صنفت اليونسكو هذا الفن كتراث إنساني، مما يسلط الضوء على أهميته الثقافية. ورغم هذا التكريم، يكافح بعض الحرفيين للحفاظ على الحرفة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية.

 

بين الأصالة والحداثة: ورشات فاس وسلا

في المغرب، حيث تشكل الحرف التقليدية جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية والسياحة الثقافية، تنتشر ورشات النقش على المعادن في مدن عريقة مثل فاس وسلا. إدريس الساخي (64 عاماً)، الذي قضى خمسة عقود في هذه المهنة، يتذكر كيف تعلم الحرفة في ظروف تقليدية خلف أسوار فاس العتيقة. اليوم، يتمكن الشباب من تعلمها في مراكز التدريب المهني التي تدمج بين النظرية والتطبيق تحت إشراف حرفيين مخضرمين.

يقول الساخي: "شباب اليوم محظوظون.. لا خوف على الخلف، لكنني ألح على شيء واحد، يجب أن يحبوا الحرفة إذا أرادوا النجاح."

أما أحمد الكداري (57 عاماً)، فيؤكد أن النقوش المستخدمة اليوم تعود إلى زخارف موروثة منذ قرون، تتشاركها حرف أخرى مثل النقش على الزليج والخشب والجبص. ومع ذلك، يتمكن "المعلمون" – وهم الحرفيون ذوو الخبرة – من ابتكار تصاميم جديدة تلبي أذواق الزبائن، تاركين بصمتهم الفنية على كل قطعة.

 

التحديات: بين الإقبال وندرة الحرفيين

رغم الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الحرفة، يواجه القطاع تحديات كبيرة. محمد المومني، صانع نحاسي من سلا، يرى أن المشكلة تكمن في قلة العمال المهرة رغم الطلب المتزايد على المنتجات النحاسية. فالحرفة تتطلب صبراً ودقة، وهي صفات قد لا يتحلى بها الجميع في عصر السرعة والاستهلاك السريع.

 

مستقبل يحمل الأمل

إدراج النقش على المعادن في قائمة اليونسكو يمنح الأمل في حماية هذا التراث من الاندثار. فبين ورشات فاس التقليدية ومراكز التدريب الحديثة، لا يزال الفن يحتفظ برونقه، جيلاً بعد جيل. إن الحفاظ على هذه الحرفة لا يعتمد فقط على الجهود الفردية للحرفيين، بل أيضاً على دعم المؤسسات والوعي المجتمعي بأهمية هذا الإرث الثقافي الذي يمزج بين بريق الماضي وإبداع الحاضر.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-