أخر الاخبار

تبون والجنرالات

 




 تبون والجنرالات:
( الحلقة الثانية ) :

قبل أن نحدد علاقة الرئيس تبون بالمؤسسة العسكرية علينا أن نطرح مجموعة من الأسئلة :
هل تم فرض تبون كرئيس للجمهورية ، وهل حقق خيار تبون الاجماع داخل المؤسسة العسكرية ؟؟ وما هي علاقة تبون بالقايد صالح رحمه الله ؟؟
هل يملك تبون نفس كاريزما بوتفليقة التي تسمح له بالتخلص من وصاية الجنرالات؟؟وما هي مؤشرات ذلك ..؟؟
أولا : ما هي علاقة تبون بالقايد صالح ولما اعتبر مرشحا للجيس ؟؟؟
لفهم العلاقة بين تبون  و قائد الأركان الراحل ، علينا أن نفهم طبيعة نظام  الحكم قبل استقالة بوتفليقة..
باختصار : كان عندنا نظام اوليغارشي مقسم الى كانتونات سياسية مالية ، بمعنى نظام عصب متنفذة وزمر متحكمة ، ولوبيات مالية  وإدارية  في شكل كتل وشبكات هجينة تجمع بين المال والسلطة  والنفوذ ..العصبة  الواحدة تضم رجال من السلطة وارباب المال و رجال الاعلام و قيادات امنية عسكرية ومخابراتية تدين بالولاء لبعضها البعض  ..العصب السياسية المالية الأمنية  كانت تعيش حالة  من التآلف السياسي المالي  في ظل  نظام اوليغارشي ريعي تحت قيادة "زعيم الاولغارشية" السعيد بوتفليقة ، لكن تحدث في بعض المرات و أن تختلف في بعض الملفات نتيجة تضارب المصالح وصراع النفوذ ،  فتخرج صداماتها الى العلن على سبيل المثال : ملفات الفساد التي ظهرت قبل مرض الرئيس المعزول سنة 2013 والتي مست رجالا مقربين منه (شكيب خليل  وحتى شقيقه السعيد على سبيل المثال)  ، و كرد فعلي على ذلك   سلسلة الاقالات داخل جهاز الدياراس التي باشراتها الرئاسة  والتي انتهت بحله نهائيا واقالة قائده الجنرال توفيق سنة 2015..
ومن صور الخلافات بين الزمر  السياسية المالية  اقالة عبد المجيد  تبون( الذي كان ينتمى إلى جناح القايد صالح )   بعد ثلاثة أشهر من تعيينه ،  بعد اصطدامه مع الكارتل المالي الذي كان يقوده حداد ويحميه المنسق العام للكانتونات الريعية  أو القائد العام للاولغارشية السعيد بوتفليقة ..من هذه النقطة بالذات ننطلق في توضيح  ماهية العلاقة  بين تبون والقايد والعلاقة التي تجمعهما ...

لن تجتهد كثيرا لتعرف حقيقة وجود علاقة بين الرئيس الحالي تبون وبين القايد صالح رحمه الله ، طبعا لن تختزل فقط في مشهد إشعال السيجارة كما بينته الصورة الملتقطة لهما ، فالعلاقة أعمق بكثير ، وليس أدل على ذلك من حديث البعض عن مرشح الجيش عبد المجيد تبون حتى قبل استقالة بوتفليقة وفي خضم الحديث المبكر عن الانتخابات الرئاسية الملغاة ( أفريل 2019) وقبل ترشح الرئيس المعزول تم ترديد اسم وزير السكن الاسبق كخليفة محتمل لبوتفليقة في حال عجز الرئيس عن الترشح بسبب وضعه الصحي المتدهور نهاية  سنة 2018 ، أما بعد استقالة بوتفليقة وبداية الحديث عن مرشح الاجماع او مرشح السلطة فقد تم ترديد اسم تبون كرئيس جديد بصيغة الجزم التي لا يخالطها شك أو ريب ، شخصيا سمعتها من غير واحد من النافذين ومن المتمرسين الضالعين بخبايا السرايا وحتى من البسطاء ، في العادة الجزائريون لا يتفقون على كثير من الأمور السياسية ولكن عندما يتعلق بالرئيس القادم يمكن أن يعطيك مرشح القلب ، ومرشح الأمر الواقع الذي سيكتسح المشهد لا محالة ...

على المستوى الشخصي عندما سحب المترشح المحتمل تبون استمارات ترشحه لانتخابات ديسمبر 2019 كتبت منشورا بعنوان : فخامة الرئيس تبون يقوم بسحب استمارات ترشحه لانتخابات الرئاسة .!!؟؟
بداية الحديث عن تبون كواجهة مدنية سياسية لجهة ما داخل النظام ( تضم قائد الأركان الراحل ) كان متزامنا مع تعيينه كوزير أول ماي 2017 حينها تم الحديث على نطاق ضيق عن مشاورات الرئيس وشقيقه مع فاعلين في السلطة حول تعيين خليفة عبد المالك سلال ، تلك الفترة شهدت تراجعا لافتا لنفوذ وتأثير جهاز المخابرات بعد استبعاد مدير المخابرات الجنرال توفيق سنة 2015  وتعيين طرطاق كمنسق عام لجهاز الأمن والاستعلام وتوزيع فروعه ومديرياته ببن وصاية وزارة الدفاع والرئاسة ، وفي ظل  صعود لافت لتأثير نائب وزير الدفاع وقائد الأركان واشراكه في صناعة القرار مجاملة له على وقفته مع بوتفليقة عند مرضه سنة 2013 والتي تجسدت فعليا بتعيينه نائبا لوزير الدفاع ، قائد الأركان الذي كان متحمسا لخيار عبد المجيد تبون كرئيس للحكومة  ، وطبقا لنظرية توسيع قاعدة الحكم والعمل على استرضاء أكبر قدر من الأطراف لمواجهة السخط الشعبي و غضب الجبهة الاجتماعية بعد تداعيات انهيار أسعار البترول والأزمة الاقتصادية ، كان خيار تبون كنوع من الموائمة السياسية لانقاذ الأوليغارشيا من الانهيار والتآكل الداخلي ..!

لم ينتظر تبون كثيرا بعد تعيينه  ليدخل على خط الصراع الدائر بين " الزمر والجهات المتنفذة " فقد أعلنها حربا على رجل الاعمال ودعا صراحة الى فصل المال عن السياسة ، وبدأ فعلا في تطبيق السياسة الجديدة وقد أرسلت الحكومة الجديدة اعذرات الى الشركات التي يملكها رجال الأعمال من أجل الإسراع في تتمته المشاريع التي باشروها والتي عرفت تأخرا كبيرا ...

وقد كانت حادثة المدرسة العليا للضمان الاجتماعي التي احتضنت حفل تسليم  الطلبة شهادات التخرج ..  شاهدة على تأزم العلاقة بين تبون مع رجال الاعمال حيث أمر  تبون مدير التشريفات بإبلاغ علي حداد رئيس منتدى المؤسسات ورجال الاعمال ( الأفيسو )  حينها بوجوب مغادرة القاعة والاحتفالية  فورا ...!!
بلغ صراع تبون مع أصحاب النفوذ من رجال الأعمال مداه ، وبصفة متزامنة - ولعلها ليست مصادفة -  أن ترسل وزارة الدفاع الوطني للشركة التي يملكها حداد( فرع المنصورة بفسنطينة )  إعذارا لإعادة بعث أشغال مشروع يخص الناحية العسكرية الخامسة ومنحه مهلة قدرها 8 أيام ...!؟ وكأنها خطوة من القايد صالح لفرض مزيد من الضغط على حداد و ترجيح كفة تبون ..
و لعل نهاية القصة يعرفها الجميع ، وكيف وصف علي حداد عبد المجيد تبون بالمفترس ، وتم مباشرة حملة دعائية عدائية اعلامية ضد رئيس الحكومة انتهت باقالته من منصبه بعد ثلاثة أشهر فقط  من تعيينه على رأس الحكومة ..!؟
ولم يكن اقتحام تبون لعش الدبابير كما يقال بلا تداعيات فكان لازما أن يدفع ثمن تطاوله على الرجال المدللين للبرنس السعيد بوتفليقة ( وخاصة علي حداد ) ولو بعد حين ،  فقد تم الزج باسم خالد تبون في قضية البوشي وايداعه الحبس الاحتياطي في شهر جوان 2018 وكل ذلك كان  يندرج في سياق صراع العصب وتصفية الحسابات بين الزمر المتنفذة ..
 
لذلك كان   أول رجل أعمال يتم القبض عليه ومحاكمته بعد السقوط الفعلي لنظام بوتفليقة وسيطرة الجيش على مقاليد السلطة و يتم الكشف عن تفاصيل كل ذلك بطريقة مهينة هو علي حداد ، وكأنه " الانتقام الرهيب " من طرف جناح القايد صالح وعبد المجيد تبون ...
تطالعون في الجزء الثالث : هل دعمت المخابرات عبد المجيد تبون كما دعمته قيادة الأركان  ؟؟ هل كان خيار تبون محل اجماع داخل مؤسسة الجيش  أم هو خيار القايد صالح فقط ؟؟هل كانت الانتخابات مزورة ؟؟ لما كانت نسبة فوز تبون بالانتخابات غير كاسحة ؟؟ لما لم تؤيد أحزاب السلطة ( الافلان والارندي ) عبد المجيد تبون ؟؟ ما علاقة واسيني بوعزة بكل ذلك ؟؟ هل  خدمت وفاة القايد صالح تبون وانهت وصاية الجيش عليه نهائيا ؟؟ هل يصفي تبون حساباته مع المناوئين له ؟؟
كل ذلك سنحاول الإجابة عليه في الحلقة الثالثة من الموضوع ...
.........................................................يتبع
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-