أخر الاخبار

أسرار محاكمة أويحي والسعيد بوتفليقة ...!!!

 


عندما ضغط المصريون بعد تنحى مبارك على المجلس العسكري من أجل محاكمة رموز نظام مبارك ... ردّ النائب العام المصري  حينها "عبد المجيد محمود"  على الفور ، فأصدر قررات بمنع السفر في حق العديد من رموز نظام  مبارك ...ضغط المصريون أكثر  من خلال ميدان التحرير فتم استدعاء شخصيات بارزة للقضاء وتم التحفط على أملاك آخرين  ...ضغط المصريون أكثر فتم استدعاء مبارك ونجليه ومحاكمتهم ...واصل المصريون ضغطهم فتم ايداع حبيب العادلي ( وزير  الداخلية المرعب) أحمد نظيف (رئيس الحكومة ) فتحي سرور ( رئيس  البرلمان ) أحمد عز ( الأمين العام للحزب الوطني الحاكم ) زكريا عزمي ( رئيس ديوان رئيس الجمهورية )... كلهم تم ايداعهم سجن طرة مع الكثير من رموز نظام مبارك ...ولحق بهم نجلا مبارك (علاء وجمال) وحتى مبارك ذاته أودع السجن المؤقت على ذمة قضايا تتعلق بقتل المتظاهرين واختلاس أموال ...  وحوكم وهو على سرير طبي في مشهد سريالي ، عدّ حينها من الانجازات العظيمة للثورة المصرية ..

المفاجأة أن  جل الرموز التي تمت محاكمتها على مدار سنوات في محاكمات مارطونية استنزافية تنعم الآن بحريتها،  ولم تدن في أي قضية من القضايا التي حوكمت فيها.... قضايا قتل المتظاهرين والتربح والفساد و خيانة الامانة واستغلال النفوذ والسلطة تمت تبرئتهم منها ..المفارقة أن أغلب ثوار 25  يناير هم الآن في السجن أما المجرمين القتلة هم خارج السجن ...لماذا يا ترى ...؟؟ ببساطة لأن قضاء مبارك هو من حاكم مبارك و أزلامه ..وأن ما تم من متابعات قضائية هو للتنفيس والتمويه والتقاط الانفس وتحاشي الاصطدام و تحيّن الفرص من أجل الانقضاض..

من الأخطاء الشائعة التي ترتكبها الثورات هي أن تحاكم رموز الانظمة البائدة بنفس أدوات الأنظمة ذاتها ..الاستعجال في محاكمة رموز النظام هو أكبر  خطأ ترتكبه الثورات ، فهو يعطيها احساسا زائفابالنصر واستشعارا للقوة ،  وهو ما   يسمح لفلول النظام في غفلة من الثوار  باستجماع بقاياه و الانخراط في مشروع تجديد نفسه ...

الأخبار التي تتحدث عن محاكمة أويحي و وزير المالية محمد لوكال ،  والعديد من رجال الأعمال من المحسوبين على النظام البوتفليقي ،   تحقق نفس هدف التنفيس والتمويه والتخدير بنشوة الانتصار الزائف ...

سبق وأن قلت ،  أن الدعوة لمحاكمة رموز نظام بوتفليقة بأدوات نظام بوتفليقة ، هو تحالف غير  معلن بين غباء جهات محسوبة على الحراك و سياسة مقصودة من داخل النظام  لتحقيق مشروع الإلهاء والتنفيس  ،  وهذا لعدة أسباب:

- لايعقل ان يستيقظ ضمير القضاء الفاسد  فجأة  ،فيحاكم الفاسدين محاكمة عادلة  ، محاكمة القضاء الفاسد للمسؤول الفاسد وللمال الفاسد  قد تكون له نتائج عكسية ،  فليس معقولا أن يحاكم الفساد نفسه ...تحالف الفساد (فساد العدالة مع فسادالادارة وفساد المال )قد يؤدي الى تبرئة الفساد على غرار ما حدث في مصر...

ليس اكتشافا عندما نقول أن نفس الامراض التي أصيب بها النظام أصيب بها القضاء ( الرشوة المحسوبية انعدام الكفاءة بيع الضمير ووووو...  .  )
المحاكمة الحقيقية هي التي تكون في ظل نظام سياسي جديد يفرزه  الحراك الشعبي ، نظام سياسي يحترم الفصل بين السلطات ويوفر أجواء مثالية لمحاكمات عادلة ...يحمي القاضي و المتقاضي على حد سواء ...

- اذا ثبت ان قضاء  بوتفليقة هو ذاته من يحاكم رموز الفساد ... نائب عام بوتفليقة ، و قاضي بوتفليقة ، وجهات تحقيق  بوتفليقة ،  بنفس منظومة وقوانين  و ملفات بوتفليقة لا يمكن أن ننتظر أي شئ منه ،  الملفات ملفاتهم والادلة أدلتهم والاوراق أوراقهم كما يقال ....

-محاكمة بعض رموز النظام  في ظل   صراع أجنحة  ظاهر للعيان ،  يعطى الانطباع أن هذه المحاكمات مجرد تحصيل حاصل لصراع هذه الأجنحة داخل النظام  ، أو كنتيجة حتمية لتغلب جهة على أخرى ،  و يجعلها تندرج في سياق مخلفات تصفية الحسابات بين أجنحة النظام ولا مكان للعدالة فيها ،  خاصة بعد دعوة القايد صالح لمحاكمة رموز الفساد . . .ومن حقنا أن نتسائل  عن محل تحقق  العدالة هنا  عندما يتدخل رئيس الأركان في عمل القضاء عن طريق الأمر المباشر  ..ومن حقنا أن نتسائل أيضا عن ضمير  القاضي الذي لا يتحرك إلا  بمهماز  ...!!؟؟ وكيف سيكون عادلا  ولا يخضع للضغوطات ...؟؟

- المطالبة بمحاكمات  فورية وبطريقة استعجالية خطأ استراتيجي في ترتيب سلم الأولويات ، كما أنه يعطي مبررات لبقايا النظام لكي تتشبت بالمناصب ،  لأن الانطباع الذي سيسود بعد بداية مهرجان المحاكمات هو أن كل من يغادر منصبه  سيفقد السلطة وسيكون في موقف ضعف ، لذا سيصبح المتبقون في السلطة أكثر شراسة في التمسك بمناصبهم ،  لأنها أأمن وسيلة لتلافي المحاكمات ..فالأمر سيزيد من مقاومة فلول النظام ،  ويزيدها إصرارا  على البقاء ما دام قد أعدمت أمامها  جميع فرص الخروج الآمن ....

مفتاح سحنون
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-