أقر البرلمان المصري مؤخرا تعديلات دستورية تقضي بمد فترة الرئاسة من اربع سنوات الى ست سنوات مما يسمح لوزير الدفاع السابق الفريق أول عبد الفتاح السيسي بمد فترة رئاسته سنتين بلا انتخاب ، وامكانية ترشحه لفترة رئاسية اخرى مدتها ست سنوات ، ليبقى السيسي في السلطة عمليا الى غاية 2030
هذا هو ديدن الجنرالات ...يتأبدون في السلطة الى أن يقبض ملك الموت ارواحهم او ياتي صاحب دبابة مثلهم يقتلعهم اقتلاعا ..انقلاب عسكري بتكاليفه الباهضة وحده من ينهي حكم العسكر فالجنرالات لا يعرفون شيئا اسمه انتقال سلمي سلس ،أو مسار ديموقراطي اللهم انتخابات زائفة ومسارات ديموقرطية موجهة يستغلونها كديور شكلي يخفي دكتاتوريتهم البشعة القميئة...
خلطة صناعة الدكتاتور العسكري واحدة.. غالبا ما تبدأ بخطابات عاطفية من عينة :" ادينا تتقطع وما تتمدش عليكم "..." انتم مش عارفين انكم نور عنينا ".. "والله ما هو حكم عسكر "... "والله مالنا طمع في حاجة الا خدمتكم"... ...وو..
هي نفس اللغة تقريبا ، مع فارق اللهجة ، ولعلكم لاحظتم تطابقا واضحا ببن خطابات وزير الدفاع السيسي في عهد مرسي المذكورة أعلاه ومثلها من خطابات الفريق قايد صالح المشيدة بالشعب وعبقريته والتعهد بحمايته والدفاع عن مصالحه وعدم الطمع في السلطة والزهد فيها ... وكأن الرجل نهل من كتالوغ السيسي حرفيا ...
يعد كسر الحاجز النفسي واستصاغة اقتحام صاحب البزة العسكرية المشهد السياسي واستمراءه يعد أحد مراحل صناعة الملاك الملهم والبطل المغوار و الرجل المنقذ و الذي يتم صناعته على ضوء الخطوات التالية :
- زيادة الرصيد العاطفي : عن طريق الخطب العاطفية الرنانة ودغدغة مشاعر االجماهير واستغلال احترام وتبجيل عامة الشعب لمؤسسة الجيش
- سياسة الالهاء : من صور الخداع الاستراتيجي اختلاق الاعداء الوهميين و استدراج الجماهير الى مشاهدة المعارك المفبركة بدل المعارك الحقيقية عن طريق استحضار فزاعات الامن والاخطار الخارجية والمؤامرات الكونية
- سياسة التلميع : و تهدف إلى حشد المريدين والاتباع باصطناع البطولات الوهمية للرجل الفذ الذي يتآمر عليه الجميع ...
- لنأتي الى الى آخر مرحلة وهي استدعاء الرجل الملهم المخلص الذي لا يوجد سواه ، ووجب الالتفاف حوله والوقوف معه وكل من يخالفه فهو عميل و متآمر ولا مانع ان يكون دكتاتورا وطنيا جديدا باسم مصلحة الوطن وحماية امنه واستقراره ...
هنا تكون النفوس الهاجعة قد استوت تماما ، وكنتيجة حتمية لتغييّب الوعي بشكل كامل يتم تمرير المرشح الملهم حتى و وإن كان أحد مخلفات النظام أعيد تدويره في دهاليز النظام ذاته ..
لقد هتف المصريون والجزائريون ببراءة ، كلٌ بلهجته "الجيش والشعب ايد واحدة " و "الجيش والشعب خاوة خاوة "...لتظهرابشع صور استغلال الجماهير مكلومة ترنو حكما راشدا وانهاء فساد مزمن ...
والسؤال: ألم يكن هؤلاء المغاوير من صناعة الحكام الفاسدين المستبدين ؟؟ الم يرفل هؤلاء في نعيم السلطة واعانوا الطواغيت وآزروا حكمهم وعضدوه ؟؟
لعلنا لا ننسى ان حضرة الفريق عيّنه الرئيس المستقيل سنة 2004 بالاختيار الحر .ولم ينبس طيلة خمسة عشر سنة ببنت شفة ، بل ظل يبجل فخامة الرئيس ويطبق تعليمات وتوصيات فخامة الرئيس( كما كان يقول في خطاباته ) الى غاية اولى ايام الحراك ، بل خرجت المسيرات في الجمعة الاولى وصاحبنا لا يزال في وضعية تسلل واضحة... فقد وصف المتظاهرين بالمغرر بهم ..!!؟؟
لعلي لا أطيل على القراء الكرام فاعطيهم مثالا واحدا فقط لكيفية صناعة العدو الوهمي ، واستدعاء فزاعة التدخل الأجنبي بتواطؤ العميل الداخلي ...ويتم على اثر ذلك كله استحضار الرجل المُخلص :
في الوقت الذي كان فيه الجنرال السيسي يخطط لانقلابه كانت ماكينة الاعلام المغرضة في مدينة الانتاج الاعلامي تشتغل على قدم وساق تحضيرا لانقلاب عسكري يطيح بالرئيس المنتخب ، بل والسطوعلى السلطة لاحقا ، فقد كانت مهمتها العمل على تزييف الوعي عن طريق صناعة العدو الخارجي الذي يتآمر مع العميل الداخلي ( الاخوان) ففي الوقت الذي كان الجنرال السيسي يتصل بالمسؤولين الأمريكيين في الأيام الاخيرة التي سبقت الانقلاب ( السيسي اتصل بالادارة الامريكية اكثر من ثلاث مرات) كانت وسائل الاعلام المصرية تبث أخبارا من عينة : " قامت القوات المسلحة المصرية بأسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، وهددت الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمزيد إن لم تتراجع القطع البحرية للأسطول السادس خارج حدود المياه الإقليمية المصرية."....؟؟؟
ووصف الاعلامي محمد الغيطي احد الاذرع الاعلامية لقائد الانقلاب وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلنتون حينها بسيدة الاخوان ..!!!؟؟
فيما قال اعلاميون اخرون ان الاخ الشقيق لأوباما عضو في التنظيم الدولي للاخوان ويحضر اجتماعاتهم باستمرار ...!!المهم شيطنة الاخوان وجعلهم مجرد مليشيا ترعاها أمريكا وتمولها قطر وتنفذ اجندة صهيونية امريكية ماسونية على حد زعمهم...
القابلية للتصديق والاستغفال جعلت الاعلام بتمادى في اكاذيبه وهرطقاته.. فقد زعموا ان مرسي مجرد عميل باع الاهرامات ومبنى ماسبيرو لقطر ، وتنازل عن سيناء لصالح الفلسطنيين وحماس.. وتنازل عن حلايب وشلاتين لفائدة السودان ..المفارقة أن كل ما اتهم به مرسي بالباطل يطبقه الجنرال السيسي اليوم بحذافيره : هو من يبيع مصر بالقطعة ، فقد تنازل عن حق مصر التاريخي في النيل وسلم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ، وباع جزيرة الوراق للامارات ، وتنازل عن حقول الغاز في البحر المتوسط للايطالين واليونانيين وحتى الكيان الصهيوني ، وبالرغم من ذلك الاعلام يطبل ويصفق للدكتاتور الخائن ...هي البروباغندا التي تجعل من العميل وطنيا والوطني عميلا ...هكذا يُتلاعب بالعقول ويقلب الحقائق ويصطنع الاعداء ويختلق الزعامات والابطال...
نفس البروباغندا تقريبا مع اختلافات بسيطة تعمل اليوم على صناعة العدو الوهمي والمؤامرات الخارجية (فرنسا ) بتواطؤ من عميل الداخل ( الجنرال توفيق) كل ذلك حتى تتم التهيئة النفسية وتمهيد الاجواء لتقبل أي إجراء يهدف إلى تفريخ الدكتاتور الجديد تحت ذريعة التصدي للمؤامرات الخارجية ، هي لحظة خروج العفريت من القمقم ..!!
والسؤال موجه لمن يروج لفكرة عداء فرنسا للقايد صالح أو العكس : أعطوني دليلا واحدا على ذلك وأنا مستعد أن أحمل صورة الفريق وأنزل ساحة البريد المركزي وأهتف : تحيا القايد صالح ...