اتفاقيات إيفيان، هي نتائج مفاوضات طويلة جرت في 18 مارس عام 1962 بين القادة الوطنيين الجزائريين من الحكومة الجزائرية المؤقتة وهي عضو سياسة في جبهة التحرير الوطني الجزائرية وبين الموفد الفرنسي برئاسة لويس جوكس ووزير الشؤون الجزائرية في عهد الجنرال ديغول، سمحت هذه الاتفاقيات باعلان وقف اطلاق النار ووضع حد لحرب الجزائر. وكان رضا مالك المتحدث باسم الطرف الجزائري في هذه الاتفاقيات. بدأت المفاوضات رسميا اعتبار 20 مايو في العام 1961 واستمرت لمدة عام تخللها وفق للمفاوضات وتعليق واستعادة لها ومفاوضات سرية. جرت المفاوضات في مدينة إيفيان الفرنسية عند الحدود مع سويسرا، أين كان يقيم الوفد الجزائري المفاوض والذي كان يتشكل من شخصيات سياسية بارزة، مثل كريم بلقاسم وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحيى ولخضر بن طوبال ورضا مالك ومحمد يزيد وعمار بن عودة والصغير مصطفاي. وفرض الحوار السياسي نفسه على المفاوضين الجزائريين والفرنسيين بعد إدراك الدولة الفرنسية آنذاك، وعلى رأسها الجنرال شارل ديغول، فشل الحل العسكري في الجزائر.
اتفاقيات إيفيان
اتفاقيات إيفيان هي مجموعة من المفاوضات التي جرت بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وأسفرت عن توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار في مدينة إيفيان الفرنسية في 18 مارس 1962. هذه الاتفاقيات وضعت حداً لحرب التحرير الجزائرية التي استمرت لمدة 7 سنوات ونصف، وكانت الخطوة الأخيرة نحو استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي.
خلفية الاتفاقيات
بدأت حرب التحرير الجزائرية في 1 نوفمبر 1954، بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية، التي كانت تطالب باستقلال الجزائر. هذه الحرب شهدت أعمال عنف ومعارك ضارية بين القوات الفرنسية والمقاومة الجزائرية، ورافقها قمع شديد من طرف السلطات الفرنسية. ومع مرور الوقت، أصبح الوضع في الجزائر معقداً بشكل متزايد، وازداد الضغط الداخلي والخارجي على فرنسا لإيجاد حل سياسي للنزاع.
المفاوضات
بدأت المفاوضات بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية بشكل غير رسمي في عام 1961، ثم تحولت إلى محادثات رسمية في مدينة إيفيان. كانت المفاوضات صعبة ومعقدة بسبب القضايا الحساسة التي كانت على المحك، مثل مستقبل الجزائريين الأوروبيين (المعروفين بالـ"أقدام السوداء")، وتقسيم الموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز، ومستقبل العلاقات بين فرنسا والجزائر المستقلة.
بنود اتفاقيات إيفيان
تضمنت اتفاقيات إيفيان عدة بنود رئيسية، من بينها:
- وقف إطلاق النار: بدأ سريانه في 19 مارس 1962، وهو التاريخ الذي أصبح يُعرف بيوم النصر في الجزائر.
- استفتاء تقرير المصير: نصت الاتفاقية على إجراء استفتاء في الجزائر لتقرير مصير الشعب الجزائري حول الاستقلال، وهو ما جرى بالفعل في 1 يوليو 1962، حيث صوت الشعب الجزائري بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال.
- ضمانات لحقوق الأوروبيين في الجزائر: نصت الاتفاقيات على حماية حقوق الجزائريين من أصول أوروبية وضمان ممتلكاتهم لفترة زمنية معينة، إلا أن العديد منهم غادر البلاد بعد الاستقلال بسبب تصاعد العنف.
- التعاون بين الجزائر وفرنسا: شملت الاتفاقيات ترتيبات للتعاون الاقتصادي والثقافي، واستمرار فرنسا في استغلال الموارد الطبيعية الجزائرية لفترة محدودة.
نتائج اتفاقيات إيفيان
بعد توقيع الاتفاقيات، تحقق استقلال الجزائر رسمياً في 5 يوليو 1962، وهو التاريخ الذي يوافق الذكرى 132 لبدء الاستعمار الفرنسي للجزائر. مثلت هذه الاتفاقيات نهاية فترة استعمارية طويلة ومريرة، وبداية مرحلة جديدة في تاريخ الجزائر كدولة مستقلة. ورغم أن الاتفاقيات وضعت حداً لحرب التحرير، إلا أنها لم تنهِ تماماً الصراع بين الطرفين، إذ تلتها فترة من العنف والانقسامات الداخلية في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بمصير الحركيين (الجزائريين الذين تعاونوا مع الجيش الفرنسي) والعلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر لسنوات عديدة.
أهمية اتفاقيات إيفيان
تعتبر اتفاقيات إيفيان حدثاً تاريخياً مهماً لأنها مهدت الطريق لاستقلال الجزائر وأثرت بشكل كبير على العلاقات بين الجزائر وفرنسا، ليس فقط من الناحية السياسية ولكن أيضاً في المجالين الاقتصادي والثقافي. كما أنها تمثل نهاية لمرحلة الاستعمار الفرنسي في أفريقيا الشمالية، ما أدى إلى موجة من حركات التحرر في القارة الأفريقية.
مضمون الاتفاقية
تضمنت اتفاقية إيفيان محورين أساسيين:
المحور الأول
- تنظيم الشؤون السياسية والعامة في البلاد خلال المرحلة الانتقالية التي تمتد من 19 مارس 1962 لغاية الإعلان الرسمي لاستقلال الجزائر في الخامس من يوليو/تموز 1962. وهي الفترة التي نظم فيها الاستفتاء الشعبي الذي حصل بموجبه الجزائريون على الاستقلال، حيث اختار الشعب بالأغلبية الانفصال عن فرنسا والعيش في وطن حر ومستقل يحمل اسم الجزائر.
وتمهيدا اتخذت الإدارة الفرنسية عددا من الإجراءات السياسية والقضائية:
- إطلاق سراح جميع السجناء الذين كانوا يقبعون في السجون، سواء في الجزائر أو في فرنسا.
- لسماح للفارين من الجزائر خلال سنوات الثورة واللاجئين إلى دول مجاورة مثل تونس والمغرب، بالعودة إلى بلادهم.
- الاعتراف بحزب جبهة التحرير الوطني حزبا سياسيا شرعيا.
كما شدد المحور الأول من الاتفاقية على ضمان حقوق الفرنسيين الذين يعيشون في الجزائر منذ سنوات طويلة وعلى ضمان أمنهم واحترام طقوسهم الدينية.
المحور الثاني
- ضمان مصالح فرنسا والفرنسيين الاقتصادية والتعاون في مجال استثمار الثروات الطبيعية، لا سيما استخراج النفط في المناطق الصحراوية، إضافة إلى تفضيل فرنسا عندما يتعلق الأمر بتقديم رخص للتنقيب عن النفط. بالمقابل تعهدت باريس بتقديم مساعدات تقنية ومالية تسمح للجزائر بالنهوض باقتصادها.
- تقليص عدد القوات الفرنسية المتواجدة في الجزائر تدريجيا حتى خروجها بالكامل من البلاد، إضافة إلى السماح لفرنسا باستخدام القاعدة البحرية العسكرية بمرسى الكبير في وهران لمدة 15 عاما قابلة للتجديد في حال اتفاق الطرفين واستخدام بعض المطارات والمواقع العسكرية إذا اقتضت الحاجة.