
في عهد السلطان يوسف بن الحسن صدرت أهم الظهائر التي تتضمن الإجراءات القانونية الضامنة لجميع العمليات العقارية الأساسية لفائدة المستعمر الفرنسي سواء كانوا أشخاص أو مؤسسات. ففي عهده صدر: ظهير 21 يوليوز 1913 المتعلق بتنظيم الأحباس و ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتسجيل العقاري وكذا عدة ظهائر متعلقة بتنظيم الملك العام و تحديد أملاك الدولة وإستغلال الملك الغابوي وكذا ظهير الأراضي الجماعية. و نتيجة لكل ما سبق تمكن المعمرون الفرنسيون من تملك مجمل الأراضي الفلاحية الخصبة في المغرب.
السلطان يوسف بن الحسن
يوسف بن الحسن العلوي ويعرف شعبيا في المغرب باسم مولاي يوسف، كان سلطانا من السلالة العلوية ، حكم المغرب من 1912 إلى سنة 1927 . ولد في سنة 1881 بمكناس و توفي سنة 1927 بفاس .يعتبر ثاني سلاطين المغرب في عهد الحماية الفرنسية ، حيث تولى الحكم بعد تنازل أخيه السلطان مولاي عبد الحفيظ عن العرش مباشرة بعد توقيع معاهدة الحماية سنة 1912 ونقل حكمه من فاس إلى الرباط . بعد وفاته سنة 1927 ورثه في الحكم إبنه محمد الخامس و الذي سيصبح بعد ذلك أول سلطان في المغرب يحمل لقب ملك .شهد حكمه العديد من الاضطرابات والثورات المتكررة ضد الاحتلال الفرنسي والإسباني. ومن أهمها ثورة الأطلس المتوسط بقيادة موحا أوحمو الزياني منذ بدايات حكمه و ثورة محمد بن عبد الكريم الخطابي في الريف في عام 1926 .
![]() |
السلطان مولاي يوسف بمعية أبنائه |
الصورة النمطية حول المولى يوسف
حكم المولى يوسف المغرب، مدة 15عاما، لم يكن اختياره لتولي العرش عبثا، إذ رأى فيه الفرنسيون رجلا أكثر انقيادا وصاحب كاريزما ضعيفة. ورغم طول فترة حكمه، إلا أن «سلطان الفرنسيين»، وهو اللقب الذي أطلق عليه، يبدو كما لو محي من صفحات التاريخ الرسمي فضل السلطان مولاي يوسف حداثة وعصرنة المجتمع المغربي، كان رجلا خيرا متدينا، يقابل الناس بالبشاشة ولطف ويعامل المسؤولين بشدة في الأمور المخالفة للشريعة، رغم أنه تمرد على بعض القوالب العتيقة، من أجل رقي ومستقبل المغرب ومحاولة إلحاقه بركب الدول المتقدمة .لا يحاول الباحثون السير أبعد من هذه الصورة النمطية، التي تشكلت حول المولى يوسف، من أجل فهم طبيعة الرجل، وتحليل أفكاره، وسبر أغوار شخصيته. فلا جرد، مثلا، للإنجازات السياسية والدينية التي تمت في عهده، وكأن هناك إجماعا على نطاق واسع من قبل المؤرخين على عدم الاعتراف بأي دور شخصي للمولى يوسف في الإصلاحات التي شهدتها الفترة بين سنتي 1912 و1927. انطلاقا من هذه النظرة، يبدو الرجل كما لو فقد وظيفته الأساسية الأولى، وظيفة رئيس الدولة. فلا يبقى منه إلا الاسم الشريف، كحلقة منسية بين شخصيتين رئيسيتين في تاريخ المغرب: المولى عبد الحفيظ وسيدي محمد بن يوسف. الأول ينظر إليه على أنه هو من قاوم ثم سلم المغرب إلى الفرنسيين، والثاني من نجح في هزمهم بعد أربع وأربعين سنة. وما بين هذين الشخصيتين، لا يوجد شيء. شخصية أخرى ساهم دورها وكاريزميتها المفرطة، في هذه الفترة، في التغطية على وجود المولى يوسف، هي شخصية المقيم العام هوبير ليوطي، الحاكم الحقيقي في مغرب الحماية. وإليه يدين المولى يوسف بوصوله إلى العرش، قبل أن تجمع بين الرجلين علاقة يسمها الكثير من الغموض، فمرة تكون أبوية، ويتصرف ليوطي كراع للمولى يوسف، ومرة سلطوية يلبس فيها ليوطي جبة المقيم العام الصارم، ومرة ثالثة تكاد تتحول العلاقة إلى صراع، كما حدث في أواخر عهد المولى يوسف. هكذا إذن، دفعت الظرفية السياسية وقوة هذه الشخصيات الثلاثة في الدفع بالمولى يوسف إلى الخلف، لتلقي به في ظلال التجاهل والنسيان.
قال الشيخ تقي الدين الهلالي: